لم يعد خافياً على أحد أن مليشيا الحوثي الإرهابية لم تكن يوماً مشروعاً وطنياً، بل أداة إيرانية لإغراق اليمن والمنطقة في الفوضى، وما كشفه تقرير مرصد الأزمات – PTOC Yemen عن قيام الحوثيين بتحويل السجون إلى معامل مغلقة لإعادة تدوير عناصر القاعدة وداعش، يضعنا أمام أخطر عملية اختراق أمني عرفتها البلاد منذ عقود.
وفق التقرير، لم يعد المتطرفون في نظر الحوثيين خصوماً أيديولوجيين، بل أصبحوا أوراقاً رابحة في معاركهم، يتم الإفراج عن المئات منهم، تزويدهم بالسلاح والمال والامتيازات، ومن ثم إرسالهم إلى جبهات مأرب والبيضاء وشبوة وحضرموت.
الأخطر من ذلك هو إنشاء معسكرات سرية في صعدة وذمار وعمران لتأهيلهم عسكرياً وفكرياً، وتزويدهم بهويات مزورة ورواتب شهرية، هذه ليست مجرد تكتيكات عابرة، بل مشروع منظم لتوظيف الإرهاب كأداة سياسية وعسكرية.
إن تورط قيادات عليا في الجماعة – من عبدالحكيم الخيواني إلى عبدالكريم الحوثي و"أبو علي الحاكم" – يكشف أن هذه السياسة ليست اجتهاداً فردياً، بل استراتيجية ممنهجة ترعاها طهران وتباركها غرف عمليات الحرس الثوري، الهدف واضح.. تحويل اليمن إلى منصة لتصدير الإرهاب، ومساومة المجتمع الدولي بورقة “مكافحة الإرهاب” التي لطالما كانت حصان طروادة للأنظمة والجماعات المارقة.
هذه الاستراتيجية الحوثية تمثل تهديداً مزدوجاً؛ فهي تضرب النسيج الاجتماعي اليمني من الداخل عبر زرع خلايا الإرهاب، وتفتح من الخارج بوابات جحيم على الأمن الإقليمي والدولي.. فالمقاتل الذي يُفرج عنه الحوثيون اليوم، قد يكون غداً جزءاً من خلية تفجير في عدن أو مأرب، أو حتى ضمن شبكة إرهابية تمتد خارج اليمن.
لقد حان الوقت أن يُدرج المجتمع الدولي هذه الممارسات ضمن جرائم الحرب، فإعادة تدوير الإرهابيين وتمويلهم وتسليحهم لا يختلف عن ارتكاب المجازر بحق المدنيين.
إن استمرار الصمت الدولي لا يعني سوى تفويض الحوثيين بالعبث بمستقبل اليمن والمنطقة.
إن اليمنيين الذين ثاروا ضد الإمامة في 1962 من أجل الحرية والجمهورية، يجدون أنفسهم اليوم أمام نسخة أكثر قبحاً من تلك الإمامة، نسخة تحترف استدعاء الإرهاب وتصديره، في الوقت الذي يعاني فيه شعبنا من أزمات إنسانية واقتصادية خانقة.
لا يمكن مواجهة مشروع الحوثي إلا برؤية وطنية وإقليمية شاملة، تعتبر الإرهاب الحوثي – بكل أذرعه السرية والعلنية – خطراً وجودياً، لا مجرد خصم سياسي في حرب عابرة، فاليمن اليوم على مفترق طرق: إما أن يتحرر من هذا الكابوس، أو أن يصبح بؤرة سوداء لإنتاج الإرهاب العابر للحدود.