بحث

هل تمهّد إسرائيل التوسع في المنطقة بذريعة الحوثي؟

محمود الطاهر

من يقرأ ما نشرته صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية حول إنشاء إيران مصانع صواريخ تحت الأرض في اليمن، وتدريب مليشيا الحوثي الإرهابية على تنفيذ هجوم مشابه لعملية حماس في 7 أكتوبر، يكتشف أن الأمر يتجاوز كونه مجرد تقرير استخباراتي إلى كونه رسالة استراتيجية موجهة للداخل الإسرائيلي وللإقليم.

المثير للجدل، أن الصحيفة لمّحت إلى أن أي هجوم حوثي محتمل قد يُشن من الأردن أو سوريا، وهوو ما يعيد إلى الأذهان اتهامات واسعة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأنها كانت تعلم مسبقاً بتحضيرات حماس في غزة قبل السابع من أكتوبر 2023، لكنها غضت الطرف، لتستثمر الكارثة لاحقاً في شن عملية عسكرية واسعة سمحت لها بتدمير بنية غزة وفرض وقائع جديدة، لكون غزة منطقة اقتصادية غنية بالغاز الطبيعي المسال، ولا يمكن أن تبقى هذا الكنز بعيدًا عن متناول الكيان الصهيوني.

يلوح اليوم في الأفق سيناريو مشابه، من خلال  تسريب معلومات نشرتها صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية، عن خطة حوثية، لشن عمليات عسكرية على إسرائيل من الأردن أو سوريا، لتسخدم ذلك إسرائيل لتبرير أي عمل عسكري استباقي خارج حدودها.

ولأن إسرائيل تقود حملة عسكرية وتفرض حصارًا جويًا وبحريًا على الحوثي كما تقول، يتحدث مسئولين عسكريين بحسب الصحيفة، عن المهاجمة على استحياء، ويقولون إن الحوثي يمثل خطر حقيقي عليهم، وقال نتنياهو في كلمة له بالأمم المتحدة أن شعار الحوثي هو الموت لإسرائيل.

اذًا, المثير هنا أن المسؤولين الإسرائيليين، رغم وصفهم الحوثي بأنه تهديد استراتيجي طويل المدى، لم يتحدثوا عن "إسقاط" الحوثي، بل اكتفوا بخطاب "إضعاف" و"ردع"، وهذا يفتح الباب أمام شكوك منطقية..

هل تريد إسرائيل إبقاء الحوثي كفزاعة إقليمية لتبرير وجودها العسكري والدولي في البحر الأحمر؟

أم أن الهدف الحقيقي ليس الحوثي بحد ذاته، بل استخدامه كذريعة للضغط على الأردن وسوريا وربما العراق وربما أيضًا مصر، وفتح جبهة جديدة لإعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة؟

الزج باسم الأردن تحديداً ليس بريئاً، فالأردن تاريخيًا منطقة عازلة بين إسرائيل والعراق وإيران، وأي حديث عن تسلل حوثي عبر أراضيه يضع المملكة في دائرة الاشتباه والضغط، وقد تكون هذه التسريبات محاولة مبكرة لتهيئة الرأي العام لقبول أي تدخل عسكري إسرائيلي محتمل داخل الأردن تحت ذريعة "منع هجوم حوثي ـ إيراني".

من الواضح أن ما نشرته الصحيفة ليس مجرد تسريب استخباراتي عابر، بل رسالة سياسية وأمنية متعددة الاتجاهات، فهي رسالة للإسرائيليين، بهدف تبرير الضربات المستمرة على الذراع الإيرانية في اليمن، وهي رسالة مبطنة أيضًا لسوريا والأردن، بأن بأن أراضيهما قد تكون مسرح المعركة المقبلة، والرسالة الثالثة للمنطقة العربية كتمهيد لإمكانية توسع إسرائيلي جديد تحت لافتة "الخطر الحوثي".

إن قراءة متأنية لهذه المعطيات تجعلنا نتساءل، هل نحن أمام إعادة إنتاج لسيناريو 7 أكتوبر، يُسمح للخطر بأن ينمو، ثم يُستخدم لاحقاً كذريعة لتوسيع رقعة الحرب وتثبيت وقائع جديدة على الأرض؟

إذا الحل هنا يجب أن يكون سريعًا وهو استئصال الذريعة، والإسراع في دعم الحكومة اليمنية للقضاء على المشروع التوسعي الإسرائيلي الجاثم في اليمن، قبل فوات الآوان.

آخر الأخبار