بحث

دراسة: الإمارات تمتلك قدرة على إنشاء قناة بحرية تنهي عصر «الخنق الإيراني» لشريان الطاقة العالمي


الجمعة 21/نوفمبر/2025 - الساعة: 5:32 م

الناقد نت - خاص

في كشف علمي يحمل تداعيات جيوسياسية واقتصادية قد تُغيّر موازين القوى في منطقة الخليج والعالم، توصلت دراسة دكتوراه يمنية حاصلة على تقدير "امتياز"من جامعة القاهرة إلى أن دولة الإمارات تمتلك القدرة الفعلية والإمكانيات الكاملة لإنهاء الاحتكار الإيراني لمضيق هرمز، الذي يمر عبره 40% من النفط العالمي المنقول بحراً، وذلك عبر شق قناة ملاحية دولية تربط الخليج العربي بخليج عُمان مباشرة، متجاوزةً المضيق الذي تحوّل إلى "ورقة ابتزاز" تستخدمها طهران كلما اشتدت الضغوط الدولية عليها.

الدراسة التاريخية، التي أعدها الباحث اليمني عبداللطيف الصيادي تحت إشراف الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفا، أحد أبرز فقهاء القانون الدولي في العالم العربي، كشفت أن المشروع ليس مجرد حلم هندسي بعيد المنال، بل هو خيار استراتيجي قابل للتنفيذ فوراً بناءً على معطيات جغرافية وهندسية وقانونية واقتصادية دقيقة، وأن تأخير تنفيذه يُبقي المنطقة والعالم تحت رحمة التهديدات الإيرانية المتصاعدة بإغلاق المضيق، والتي تتكرر بشكل شبه دوري كلما احتدمت التوترات السياسية أو العسكرية.

وأظهرت الأطروحة، التي ناقشتها لجنة علمية رفيعة المستوى ضمت إلى جانب أبو الوفا كلاً من الدكتور محمد رمضان حسنين والدكتور عادل السندي، أن القناة المقترحة ستُحدث ثورة جيواستراتيجية في خريطة الملاحة العالمية، مشيرةً إلى أن أقصر المسارات الثلاثة المقترحة يبلغ طوله 70 كيلومتراً فقط بين أم القيوين ودبا الفجيرة، وهي مسافة قصيرة نسبياً مقارنة بطول قناة السويس (193 كم) وقناة بنما (82 كم)، مما يجعل المشروع أكثر جدوى اقتصادياً وأسرع في التنفيذ من القنوات الدولية التاريخية التي استغرق إنشاؤها عقوداً.

وفي مقارنة صادمة، أوضحت الدراسة أن السفن التي تستخدم القناة المقترحة ستوفر "188 كيلومتراً" من مسافة الإبحار مقارنة بالمرور عبر مضيق هرمز (في حالة المسار الأول)، و"261 كيلومتراً" في حالة المسار الثالث الأطول، مما يعني توفيراً هائلاً في الوقت والوقود والتكاليف التشغيلية، فضلاً عن تجنب المخاطر الأمنية والعسكرية المحدقة بالسفن العابرة للمضيق، والتي شهدت خلال السنوات الأخيرة عدة حوادث استهداف واحتجاز لناقلات نفط دولية.

ولعل الجانب الأكثر إثارة في الدراسة هو تأكيدها على أن القانون الدولي لا يفرض أي قيود على حق دولة الإمارات السيادي في إنشاء القناة داخل أراضيها، وأن الدولة ليست بحاجة إلى موافقة أي طرف دولي، بما في ذلك إيران أو أي دولة أخرى، لتنفيذ المشروع، شريطة الالتزام بالمعايير البيئية الدولية وعدم إلحاق أضرار عابرة للحدود بالدول المجاورة. 

بل إن الدراسة ذهبت إلى أبعد من ذلك، مؤكدة أن الإمارات تحتفظ بالحق الكامل في تحديد النظام القانوني للقناة، سواء بإخضاعها للقانون الوطني، أو بإصدار إعلان أحادي ينظم الملاحة فيها، أو بإبرام اتفاقية دولية إذا رغبت في ذلك.

وحذّر الباحث اليمني من أن الاستمرار في تجاهل هذا الخيار الاستراتيجي يعني إبقاء أمن الطاقة العالمي وسلاسل الإمداد الدولية رهينة لنزوات السياسة الإيرانية، مشدداً على أن التهديدات الإيرانية المتكررة بإغلاق المضيق ليست مجرد تصريحات دعائية، بل تعكس "نية حقيقية" يمكن أن تتحول إلى واقع في أي لحظة تصعيد عسكري إقليمي أو دولي، مما سيؤدي إلى كارثة اقتصادية عالمية تطال جميع الدول المستهلكة والمنتجة للطاقة.

وأشارت الدراسة إلى أن المشروع لن يخدم الإمارات فقط، بل سيُشكل "منفعة استراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي كافة، ولدول آسيا وأوروبا التي تعتمد على نفط الخليج، بل وللاقتصاد العالمي برمته، مؤكدةً أن القناة ستُعزز من الاستقرار الملاحي والأمني في المنطقة، وستُقلل من احتمالات نشوب صراعات عسكرية حول مضيق هرمز، وستفتح آفاقاً جديدة للتجارة البحرية والاستثمارات اللوجستية.

ولفت الباحث إلى أن التوقيت الراهن مثالي لطرح المشروع على طاولة صناع القرار الإماراتيين، خاصة في ظل التطورات التقنية الهائلة في مجال الهندسة المدنية والحفر، والإمكانيات المالية الضخمة التي تتمتع بها الدولة، والطموحات الاستراتيجية الإماراتية لتعزيز مكانتها كمركز عالمي للتجارة والملاحة، مشيراً إلى أن المشروع سيُضاف إلى سلسلة الإنجازات الإماراتية الاستثنائية التي أذهلت العالم خلال العقود الأخيرة، من بناء أطول برج في العالم إلى إطلاق مسبار الأمل إلى المريخ.

وختم الباحث بالتأكيد على أن القناة المقترحة لن تكون مجرد مشروع اقتصادي أو هندسي، بل ستُمثل رسالة سياسية واضحة مفادها أن دولة الإمارات لن تقبل بأن يبقى مصيرها الملاحي والاقتصادي مرهوناً بإرادة طرف خارجي، وأنها قادرة على اتخاذ قرارات سيادية جريئة تُعيد تشكيل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة بما يخدم مصالحها الوطنية ومصالح الاستقرار الإقليمي والعالمي.

متعلقات:

آخر الأخبار