القضاء على ميناء الحديدة المُحاصر: ضربة تأديبية لا أكثر
الناقد نت - خاص
المحرر السياسي :
في تطور جديد وخطير في مشهد الصراع في اليمن، استهدفت القوات الأميركية والإسرائيلية – بشكل مباشر أو عبر وكلاء – ميناء الحديدة المحاصر، في خطوة وصفتها مصادر متعددة بأنها لا ترمي إلى سلب الحوثيين قوتهم، ولا إلى إضعاف نفوذهم العسكري أو السياسي، وإنما تأتي كضربة تأديبية محضة، في أعقاب استهداف الحوثيين لما وصف بأنه "عين مدني" في إسرائيل.
القصف الذي طال هذا الشريان الحيوي لليمن، لا يحمل أي قيمة استراتيجية فعلية ضد الحوثيين الذين يمتلكون مصادر دعم لوجستي وميداني أوسع وأكثر تنوعاً، بل يكشف بوضوح أن المستهدف الحقيقي من هذا التصعيد هو اليمن وشعبه، لا طرف معين في الصراع.
فميناء الحديدة الذي كان لسنوات رئة اليمنيين الوحيدة نحو العالم، يعاني أساساً من حصار قاسٍ، وتضييق خانق، وحصار اقتصادي وإنساني، قبل أن يتحول إلى هدف ناري متكرر في حرب لم يعد فيها أي خطوط حمراء. لم يكن القصف إلا رسالة أميركية-إسرائيلية مفادها: "لا تُهاجمونا، وإلا سندمر ما تبقى من بلدكم المنكوب."
الحرب الأميركية-الإسرائيلية ضد الحوثيين ما تزال حتى الآن حرباً تقليدية، عقيمة، غير حاسمة، تُفاقم من مآسي المدنيين وتزيد الأوضاع الإنسانية والاقتصادية سوءاً، دون أن تُغيّر شيئاً في المعادلة العسكرية أو السياسية على الأرض.
اليمن – الدولة، الأرض، والإنسان – هو الخاسر الأول والأخير في هذا السيناريو الكارثي. فبينما تتنازع الأطراف الكبرى على النفوذ والسيادة الإقليمية، لا يجد المواطن اليمني ما يسد به رمقه، أو يحفظ به كرامته، أو يؤمن له حداً أدنى من الأمان.
القادم – كما يبدو من شراسة الخطاب العسكري والتصعيد في الميدان – مؤلم جداً. والمؤشرات تنذر بأن الحديدة لن تكون آخر الأهداف. إن تكرار استهداف البنية التحتية اليمنية، تحت ذريعة الردع، ليس إلا جريمة مستمرة في حق بلد أنهكته الحروب والتجاذبات الإقليمية والدولية