بحث

خارطة الحوثي.. «سلام على الورق» وابتزاز في الميدان


الخميس 13/نوفمبر/2025 - الساعة: 10:52 م

الناقد نت - خاص

يبدو أن مليشيا الحوثي ما تزال تراهن على قدرتها في خداع المجتمع الدولي بشعارات السلام، عبر ما تسميه “خارطة طريق” لا تمتّ للسلام بصلة، بل تُخفي خلفها مشروعًا لإعادة الشرعنة للانقلاب الإيراني في صنعاء.

فالجماعة، التي وجهت مؤخرًا دعوة للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ لتسريع تنفيذ الخارطة، تمارس على الأرض عكس ذلك تمامًا، تغلق مكاتب المنظمات، وتختطف موظفيها، وتمنع المساعدات، ثم تتحدث عن الملف الإنساني بوقاحة سياسية نادرة.

الحوثي هنا لا يبحث عن السلام، بل عن شرعية دولية تغطي مشروعه الطائفي. فالخارطة التي يتمسك بها تُقصي الحكومة الشرعية، وتحول المليشيا إلى كيان أمر واقع يتعامل معه العالم كسلطة معترف بها.

السعودية تغيّر المعادلة
المفارقة أن السعودية – التي كانت قبل عام على وشك توقيع تفاهمات ثنائية مع الحوثيين – أدركت الآن أن الجماعة لا تفاوض من أجل السلام، بل من أجل الوقت.

فكل جولة حوار، وكل هدنة، تحولت إلى استراحة محارب للحوثي لترتيب صفوفه واستقبال شحنات السلاح الإيراني الجديدة.

ومن هنا، جاء القرار السعودي بعدم الاستجابة لدعوات الحوثي الأخيرة، واشتراط إشراك الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في أي اتفاق جديد، كضمانة وحيدة لبقاء اليمن دولة واحدة لا مزرعة بيد طهران.

تحالف المصالح لا الأهداف
في خضم هذا المشهد، برز سؤال أكثر عمقًا، لماذا توقف الحوثي فجأة عن مهاجمة السفن الإسرائيلية؟

الجواب، وفق المراقبين، أن هناك تخادمًا غير معلن بين الطرفين، فالحوثي بحاجة إلى الظهور كبطل مقاومة مزيفة، بينما تستفيد إسرائيل من وجوده لتبرير تدخلها العسكري في البحر الأحمر بذريعة حماية الملاحة.

إنها لعبة مصالح متبادلة، يعاد فيها توزيع الأدوار بما يخدم الأجندة الإيرانية والإسرائيلية معًا، ويُبقي اليمن رهينة لفوضى إقليمية منظمة.

وما يحدث اليوم ليس "خارطة طريق للسلام"، بل خارطة طريق للهيمنة والابتزاز، فكلما اشتد الضغط الدولي على الحوثي، أعاد استخدام شعارات "الإنسانية" و"السلام" كغطاء لمزيد من التوسع والتمويل.

لكن هذه المرة، يبدو أن المجتمع الإقليمي وعلى رأسه السعودية استوعب الدرس جيدًا، وأدرك أن السلام مع الحوثي لا يُكتب بالحبر، بل يُفرض بتوازن القوة والشرعية.

متعلقات:

آخر الأخبار