واشنطن: تضرب الحوثيين بـ"العصا الذكية": رسائل نارية لإيران من البحر الأحمر
الناقد نت - المحرر السياسي :
على قاعدة شعبية دارجة تقول "اضرب الوطاف يفهم الحمار"، تخوض الولايات المتحدة حربًا محسوبة ضد جماعة الحوثي في اليمن، ليس بهدف القضاء عليهم كليًا، بل لتحجيم قوتهم وكبح تهديدهم للممرات التجارية الدولية في البحر الأحمر، ضمن معادلة دقيقة لتفادي تفجير الوضع في الشرق الأوسط.
إيران تنكر السيطرة... وتفاوض من تحت الطاولة
منذ بداية التصعيد في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أعلنت طهران أن لا سلطة لها على الحوثيين. لكن هذا النفي في نظر واشنطن والغرب لا يعدو كونه مناورة غير نزيهة، تُلقي فيها إيران بـ"كروت محترقة" في اليمن لتحصل على ضوء أخضر لمواصلة مشروعها النووي.
وقد بدأت بعض ملامح الصفقة بالظهور مع إعلان إيران قبول الاستثمارات الأمريكية على أراضيها، لكن التوجيه الإيراني المباشر للحوثيين لا يزال مؤجلاً بانتظار اكتمال الشروط التي ترضي طهران وتضمن لها اعترافًا كاملاً بدورها كقوة إقليمية واقتصادية.
الحوثيون بين الضربات والتعتيم
يحاول الحوثيون امتصاص صدمة القرار الأمريكي بالدخول في مرحلة استنزاف طويلة الأمد، بهدف تحقيق ما يسمونه بـ"الانتصار بالصمود"، وهو نهج مألوف ضمن استراتيجيات "محور المقاومة".
هذا الصمود يترافق مع تعتيم إعلامي صارم: لا نشر لأسماء القيادات المستهدفة، ولا تفاصيل دقيقة عن مواقع القصف. الهدف: كسر التأثير المعنوي للضربات وإظهار أمريكا كقوة فاشلة في تحقيق أهدافها.
حرب الظلال تضرب الداخل الحوثي
داخليًا، تعيش الجماعة معركة استخباراتية غير مسبوقة دفعت قائدها عبد الملك الحوثي إلى إصدار تعليمات بمنع استخدام الهواتف المحمولة بين القيادات، ونزع كاميرات المراقبة من المحلات، وشن حملات اعتقال واسعة طالت قيادات وسطى، وسط اتهامات متبادلة بالوشاية والتخوين، ما يؤشر على بداية تفكك داخلي قد يهدد البنية التنظيمية للجماعة إذا استمر.
"معركة الواشي": انقلاب في ميزان المعلومات
ما يُعرف اليوم داخل الجماعة بـ"معركة البحث عن الواشي" يمثل ضربة موجعة لصورة أمريكا كجهة تفتقر إلى المعلومات الميدانية. فالواقع يكشف امتلاك واشنطن لبنك أهداف دقيق، يشمل حتى قيادات في المجلس الجهادي المحيط بعبد الملك الحوثي، معززًا ببصمات صوت وصور تم جمعها عبر اختراقات رقمية لتطبيقات بسيطة كـ"واتساب" وغيره.
أهداف واشنطن: الموانئ أولًا... ثم تجفيف المستنقع
أمريكا تسير في مسار مرحلي. الخطوة الأولى تمّت بتحييد موانئ الحديدة الثلاثة، ما يُعد ضربة مباشرة للإمدادات الحوثية. المرحلة الثانية تشمل قصف المخازن، تتبع القيادات، وتعطيل خطوط الإمداد، ما يمهد لمعركة برية لا مفر منها، لكن دون تورط أمريكي مباشر على الأرض، تجنبًا لتكرار سيناريوهات العراق وأفغانستان.
المعركة البرية: بيد من؟ ومتى؟
المهمة البرية ستُوكل لقوات المقاومة اليمنية والشرعية، بهدف إعادة السيطرة على الحديدة، لكن توقيتها ما يزال غامضًا. القرار النهائي ما زال ينتظر "الإشارة من الرياض"، التي تحاول قدر الإمكان تفادي الانجرار لحرب جديدة، خاصة في ظل تهديدات الحوثيين باستخدام المسيرات والصواريخ لضرب الداخل السعودي.
هل يطلق الحوثي رصاصة النهاية؟
وفقًا لتحليل صادر عن المعهد الأطلسي، قد يلجأ الحوثيون في اللحظات الأخيرة لضرب أهداف داخل السعودية بهدف الضغط على واشنطن لإيقاف عملياتها. لكن هذه الخطوة، إن حدثت، ستكون بمثابة "الرصاصة الأخيرة"، وستُفسَّر كإعلان عودة الحرب اليمنية الكبرى، وفتح أبواب معارك الخلاص من قبضة الحوثيين.