بحث

الرئيس العليمي و‏الرهان على كسب المعركة

انور الاشول

رغم أن البعض قد يرى أن عدم الحسم العسكري ضعف أو تردد، إلا أن ما فعله الرئيس د.رشاد العليمي كان أقرب إلى الحرب الباردة مع الحوثيين، حيث استخدم الزمن والصبر والدبلوماسية كوسائل للضغط غير المباشر.
‏اليوم، وبعد أن دفع الحوثيون أنفسهم إلى مواجهة مع إسرائيل والعالم، بات واضحًا أن استراتيجية النفس الطويل حققت نتائج لم تكن لتتحقق في ميدان المعركة..
‏منذ توليه رئاسة مجلس القيادة الرئاسي في اليمن عام 2022م، اعتمد الرئيس د.رشاد العليمي مقاربة استراتيجية قائمة على سياسة النفس الطويل، بعيداً عن الاندفاع العسكري أو المواجهات المفتوحة مع جماعة الحوثي. ورغم الانتقادات التي وُجهت له ولهذه المقاربة في بداياتها، الا ان التطورات الإقليمية والدولية أثبتت أن هذه السياسة كانت الأكثر حكمة في ظل تعقيدات المشهد اليمني والإقليمي..
‏لعل أبرز ملامح سياسة العليمي كانت تجنّب الاستنزاف في معارك خاسرة وخوض معارك عسكرية مفتوحة في جبهات قد تكون نتيجتها محسومة بسبب اختلال موازين القوى وفي ظل غياب الدعم الجوي الفاعل..الا انه بدلاً من ذلك، ركّز في حفاظه على الجيش الوطني وإعادة هيكلة القوات تحت مظلة وزارة الدفاع، مع دمج التشكيلات العسكرية المتعددة في غرفة عمليات موحدة..هذه السياسة او الأسلوب، وإن بدا بطيئاً، لكنه حال دون وقوع خسائر بشرية ومادية فادحة، وأبقى على وحدة الدولة والصف الوطني دون الدخول في حروب جانبية أو معارك عبثية كما كان في السابق،،في ظل هذا الهدوء النسبي لرأس الشرعية.. دفع الحوثيين إلى كشف أوراقهم وبدأت جماعة الحوثي تشعر بتهديد رمزي لانقلابها ومايسمى بشرعيتها الثورية، ما دفعها للجوء إلى اشعال معارك وتصعيد خارج حدود اليمن، من خلال ..الاعتداء على السفن التجارية في البحر الأحمر ومحاولة غلق باب المندب..
‏إطلاق صواريخ ومسيرات باتجاه إسرائيل بذريعة دعم الشعب الفلسطيني في غزة.
‏هذه التحركات، التي هدفت لإظهار "القوة والتضامن مع محور المقاومة"بتوجيه ايراني جاءت بنتائج عكسية تمامًا..ليست في صالح الحوثيين.
‏حيث أظهرت نفسها من جماعة يمنية لها مظلومية إلى جماعة ارهابية تهدد مصالح العالم كما ان هذا التصعيد الحوثي غير المحسوب، تحوّلت الجماعة من لاعب محلي في الحرب اليمنية إلى تهديد مباشر للأمن الإقليمي والدولي، والذي بسببه تدخلت الولايات المتحدة وبريطانيا في عمليات عسكرية مباشرة ضد منصات إطلاق الصواريخ الحوثية.. اضافة الى اعادة ملف تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية إلى الواجهة دوليًا..
‏تعززت صورة الحكومة الشرعية اليمنية كطرف معتدل يسعى للسلام مقابل جماعة خارجة عن القانون تهدد الملاحة والأمن.
‏وهنا يمكن القول بان المكاسب السياسية للشرعية اليمنية التي حققها الرئيس العليمي واتباعه لسياسة النفس الطويل لم تثمر فقط على الصعيد العسكري، بل عززت موقع الحكومة الشرعية دبلوماسياً كان شبه مفقود حيث كسبت تعاطفاً دولياً متزايداً..
‏دفعت دولاً إقليمية ودولية إلى مراجعة مواقفها من الحوثيين..
‏وضعت إيران في موقف حرج، باعتبارها الداعم العسكري للجماعة، خصوصًا في ظل تصعيد الهجمات على السفن الإسرائيلية والأمريكية.. وبهذا يكون الرئيس العليمي بالتعاون مع رفاقه في المجلس الرئاسي قد نجح في جني ثمار سياسة الهدؤ واستراتيجية النفس الطويل ولايزال يراهن على كسب المعركة وعلى المستعجلين التريث.

آخر الأخبار