الزيدية حركة سياسية مسلحة لا مذهب فقهي
الخميس 04/سبتمبر/2025 - الساعة: 10:11 م
الناقد نت - خاص
الناقد نت - خاص
الزيدية كثيرًا ما تُقدَّم على أنها مذهب فقهي خامس، إلى جوار المذاهب الأربعة السنية، لكن التاريخ يظهر بشكل واضح أن الزيدية كانت حركة سياسية مسلحة تقوم على فرض الحكم باسم الدين، وليست مدرسة فقهية مستقلة.
أولًا: النشأة والتأسيس في العراق وإيران
البداية كانت مع زيد بن علي بن الحسين (ت 122هـ) الذي خرج على الأمويين في الكوفة – العراق.
بعد مقتله وصلبه وحرق جسده، لم يبق إلا تيار احتجاجي سياسي يسمّي نفسه زيديًا، وارتكز على فكرة أن الإمامة يجب أن تكون في آل البيت وحق الخروج بالسيف على الحكام الظالمين.
التحول إلى دولة فعلية لم يبدأ في اليمن، بل في إيران الشمالية (طبرستان والديلم)، حيث أسس الحسن بن زيد العلوي سنة 250هـ أول دولة زيدية فعلية.
توفي أخوه محمد بن زيد سنة 287هـ بعد صراع طويل مع السامانيين، ودُفن كلاهما في مدينة آمل، مازندران – إيران.
هذه الدولة في إيران هي أول تجربة سياسية واقعية للزيدية، ما يؤكد جذورها الفارسية/السياسية قبل دخول اليمن.
ثانيًا: انتقال الزيدية إلى اليمن
في القرن الثالث الهجري، ظهر القاسم الرسي وأحفاده كمفكرين ومنظّرين للزيدية، مستندين إلى الشرعية العلوية.
حفيده الهادي يحيى بن الحسين (ت 298هـ) استدعته قبائل شمال اليمن، وخاصة همدان، سنة 284هـ لتوحيدهم تحت راية دينية وسياسية واحدة.
الهادي أسس الإمامة الزيدية في صعدة – اليمن، وصار مركز الحكم الزيدي هناك.
قبر الهادي موجود حتى اليوم في صعدة، بينما قبر أسلافه الأوائل في إيران.
دخول الزيدية إلى اليمن كان استيرادًا لمشروع سياسي مسلح من الخارج، وليس نشأة يمنية أصلية.
ثالثًا: الزيدية في اليمن = سلسلة حروب مستمرة
منذ دخول الهادي، كانت الزيدية قوة سياسية وعسكرية، واندلعت حروب متكررة مع غالبية القبائل والقوى اليمنية، أبرزها:
1. اليعفريون (اليعفريين):
قبائل شمال اليمن، مقاومة لفرض إمامة الزيدية، خاصة في صعدة والجوف.
2. الحواليون:
تحالفوا أحيانًا ضد الزيدية للحفاظ على سلطتهم المحلية ورفض السيطرة المركزية.
3. الصليحيون:
الدولة الصليحية على الساحل الغربي للبحر الأحمر، خاضت معارك مستمرة ضد الزيدية.
4. الزرانيق:
سكان البحر الأحمر والتهامة، قاوموا الزيدية لتثبيت نفوذهم الساحلي.
5. الأشاعرة:
علماء ومجتمعات اليمن الوسطى، واجهوا النفوذ الزيدي فكريًا وسياسيًا، وتحولت أحيانًا إلى صراعات مسلحة صغيرة.
6. المذاحجة:
قبائل في الشمال الشرقي، خاضت صراعات حول فرض الخراج والسيطرة على الجبال.
7. الحميريون:
قبائل جنوب ووسط اليمن، قاومت الزيدية شمالًا، ما أدى لمعارك طويلة.
8. كندة:
قبائل تاريخية شمال اليمن، دخلت في مواجهات مستمرة للسيطرة على القرى والجبال.
9. الأزد:
قبائل يمنية شمالية قديمة، واجهت الزيدية في محاولات التوسع ونشر السلطة.
10. الأمهريون:
قبائل شمال ووسط اليمن، خاضت مواجهات مستمرة مع الهادي وأئمة الزيدية.
هذه الحروب المستمرة تُظهر أن الزيدية ليست مذهبًا فقهيًا، بل حركة سياسية قائمة على القوة والسيف.
رابعًا: الفقه الزيدي كغطاء سياسي
في العبادات والمعاملات، اعتمد الزيديون على المذاهب السنية مثل الحنفية والشافعية، وأحيانًا المعتزلة.
الفرق الجوهري: إدخال الإمامة وحق الخروج بالسيف ضمن العقيدة.
أي أن الفقه كان أداة لتبرير السيطرة السياسية، وليس هدفًا علميًا.
خامسًا: التوظيف السياسي للنسب العلوي
الزيدية استخدمت الانتماء لآل البيت لتبرير حكمها.
العدد المهول من المدّعين للنسب الشريف، سواء زيدية أو اثني عشرية، يوضح أن الشرعية الدينية كانت ورقة سياسية للسلطة.
سادسًا: امتداد الزيدية حتى الحوثيين
الحوثيون اليوم يمثلون امتدادًا طبيعيًا لمشروع الزيدية السياسي:
سلطة مسلحة باسم الدين.
شعار آل البيت لتبرير حكمهم.
إعادة إنتاج الصراعات القديمة مع القبائل والقوى اليمنية.
سابعًا: الخريطة الزمنية والجغرافية للنشاط الزيدي
الخريطة الزمنية:
السنة الهجرية الحدث الموقع
122هـ خروج زيد بن علي على الأمويين ومقتله الكوفة – العراق
250هـ تأسيس الحسن بن زيد العلوي أول دولة زيدية طبرستان – إيران
287هـ وفاة محمد بن زيد واستمرار الدولة الزيدية الإيرانية طبرستان – إيران
284هـ وصول الهادي يحيى بن الحسين إلى اليمن صعدة – اليمن
285–350هـ حروب الزيدية مع القبائل اليمنية شمال ووسط اليمن
11–14هـ صراع الزيدية مع الصليحيين على الساحل الساحل الغربي – اليمن
1962م سقوط الإمامة الزيدية التقليدية اليمن الشمالي
الخريطة الجغرافية النصية:
صعدة والجوف: مركز الإمامة الزيدية اليمنية، حروب مع اليعفريين، المذاحجة، الأمهريون.
همدان وريفها: تحالف قبائل همدان مع الزيدية، معارك مع الحواليين والحميريين.
تهامة والساحل الغربي: معارك مع الزرانيق والصليحيين.
شمال ووسط اليمن: مواجهات مع كندة، الأزد، الأمهريون.
اليمن الأوسط: الأشاعرة واجهوا النفوذ الزيدي فكريًا وسياسيًا.
الخلاصة النهائية
1. الزيدية نشأت سياسيًا في إيران (طبرستان والديلم)، ثم استُوردت إلى اليمن عبر الهادي الرسي.
2. طوال تاريخها في اليمن، دخلت في حروب مع غالبية القبائل والقوى المحلية: اليعفريون، الحواليون، المذاحجة، الحميريون، كندة، الأزد، الأمهريون، الزرانيق، الصليحيون، الأشاعرة.
3. الفقه الزيدي كان غطاء سياسي لتبرير السلطة، وليس مدرسة فقهيّة مستقلة.
4. الزيدية هي حركة سياسية مسلحة باسم الدين، وليست مذهبًا فقهيًا أصيلًا.
شمر يهرعش ذو الجناح