أمريكا أمام مفترق استراتيجي.. خطة شاملة لتحييد التهديد الحوثي في البحر الأحمر
الناقد نت - قسم المتابعة والترجمة
كشف تقرير استراتيجي نشره منتدى الشرق الأوسط عن خطة شاملة لتحييد التهديد الحوثي في البحر الأحمر، مؤكداً أن الضربات العسكرية المحدودة فشلت في القضاء على الخطر رغم إلحاقها أضراراً بالجماعة اليمنية المدعومة من إيران.
وأوضح التقرير، أن الولايات المتحدة تقف عند مفترق طرق استراتيجي في البحر الأحمر، حيث واجهت إدارة ترامب تهديد الحوثيين بحزم من خلال عمليات عسكرية متواصلة بين مارس ومايو 2025، لكن هذه الضربات فشلت في القضاء على التهديد بشكل نهائي.
وكشفت المقارنة بين تكلفة الذخيرة الأمريكية وترسانة الحوثيين منخفضة التقنية وعالية التأثير عن فجوة واضحة في ميزان القوة، وهو ما دفع الرئيس ترامب إلى وقف الضربات بعد توقف مؤقت للهجمات الحوثية.
غير أن استئناف الحوثيين هجماتهم في يوليو 2025 باستهداف ناقلتين يونانيتين وإطلاق صاروخ باليستي على مطار بن غوريون في إسرائيل، أكد أن هزيمتهم تتطلب ما هو أكثر من مكاسب تكتيكية قصيرة المدى، بل تحتاج إلى استراتيجية شاملة ومتكاملة تستهدف قدراتهم العسكرية وشبكاتهم المالية وشرعيتهم السياسية وأنظمة الدعم الخارجي التي يعتمدون عليها.
ويُعد البحر الأحمر ذا أهمية حيوية للمصالح الأمريكية وللنظام الدولي الأوسع، إذ يمثل محوراً استراتيجياً يربط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، ويعبر نحو 15% من التجارة العالمية عبر مضيق باب المندب. ومع كل سفينة يهاجمها الحوثيون وكل ارتفاع في أقساط التأمين وكل مسار تجاري يُعاد توجيهه، يتراجع النفوذ الأمريكي لصالح القوى المعادية.
ولا تقتصر التداعيات الاقتصادية لعدم استقرار البحر الأحمر على اليمن فحسب، إذ بدأت شركات الشحن العالمية بإعادة توجيه السفن حول رأس الرجاء الصالح، ما يضيف أسابيع إلى زمن الرحلات ويرفع التكاليف. هذه المسارات الطويلة تزيد أسعار الطاقة، وتعطل سلاسل الإمداد، وتؤثر سلباً على اقتصادات أوروبا وآسيا والولايات المتحدة.
واقترح التقرير استراتيجية ثلاثية المراحل على مدى خمسة عشر شهراً تنتهي قبل انتخابات منتصف الولاية الأمريكية في نوفمبر 2026. تبدأ المرحلة الأولى بتكثيف ضربات الطائرات المسيرة والعمليات السيبرانية، وفرض حظر بحري صارم على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى لقطع إمدادات الوقود والسلاح، مع إطلاق حملة اتصالات استراتيجية عالمية لنزع الشرعية عن الحوثيين.
وتركز المرحلة الثانية على توسيع الدعم العسكري للقوات المحلية المناهضة للحوثيين، وعلى رأسها القوات المشتركة بقيادة العميد طارق صالح وألوية العمالقة والقوات في مأرب، إلى جانب تحويل مسارات التجارة نحو موانئ بديلة مثل عدن والمكلا وبربرة لحرمان الحوثيين من إيرادات الموانئ. كما تشمل هذه المرحلة تشديد العقوبات وتفكيك الشبكات المالية غير المشروعة، والضغط على سلطنة عُمان لوقف تسهيل تهريب الأسلحة عبر حدودها.
أما المرحلة الثالثة فتهدف إلى نقل مسؤوليات الأمن البحري لتحالفات إقليمية دائمة، ودعم نموذج حكم لامركزي في اليمن يمنح المناطق قدرة على الحكم الذاتي ضمن إطار وطني موحد، مع إعادة بناء البنية التحتية في المناطق المحررة لتعزيز البدائل الاقتصادية وبناء ثقة السكان.
وأكد التقرير ضرورة الجمع بين الضغط العسكري المتواصل الذي يستهدف منصات الإطلاق ومراكز القيادة الحوثية دون توقف، والحصار الاقتصادي لتجفيف منابع التمويل، والعزل السياسي عبر حملة دبلوماسية وإعلامية تكشف انتهاكات الحوثيين من تجنيد الأطفال واستهداف السفن المدنية وتحويل المساعدات الإنسانية، وردع إيران من خلال ربط دعمها للحوثيين بالملف النووي وفرض تكاليف استراتيجية واضحة.
وحذر التقرير من أن الجمود أخطر من التحرك، مشدداً على أن التعامل المتردد مع الحوثيين يعني قبول نتائج استراتيجية كارثية تشمل انهيار الدولة اليمنية، وتمكين النفوذ الإيراني الإقليمي، وارتفاع تكاليف الشحن العالمية، وتآكل النفوذ الأمريكي في مسرح له أهمية حاسمة. وخلص إلى أن حملة نصفية أو مترددة ستحقق ردعاً مؤقتاً فحسب وتفتح المجال لتجدد الصراع لاحقاً، مؤكداً أن النصر ليس ترفاً بل ضرورة استراتيجية تتطلب إرادة ثابتة ورؤية طويلة المدى لتأمين أحد أهم الممرات البحرية في العالم.